لم تكن الغربة
ورقا بحريا
صدفا تاكل عبر الزمن
الغربة اختناق الهوية
على مشارف الوحشة الهاربة
في ثنايا رائحة المطر و الحناء
الغربة
زمن يخصب الوجوه التائهة
على شاطىء العودة
لا مرسى تاوي الوجوه الشاحبة
و لا ماء يروي القلوب العطشى
لم تكن الغربة رداء احد
ولا وعاء اللهفة المنفلتة
من اصابع اليد
الغربة
قدر السنين التي مضت
والنفس الراكضة خلف نفسها
تحاول ان تبحث عن ضوء
تبحث عن وشم يوشك
ان يعرف صاحبه
وذاكرة تختزل جميع الصور
صورة الوطن على حائط ايل للسقوط
لم اكن اعرف
ان الحياة تخفي وجهها في دهاليز الزمن
وصورة تكرر نفس الصورة ونفس الحدث
ونفس الاشياء التي نحبها واخرى نبغضها
والايام تفضح نفسها
عند طلوع كل فجر
الليالي تتشابه مثل موج البحر
الراكض تحت مياه العاصفة
لم اكن اعرف
ان الغربة لا تمسح عن وجهها مسحة
العذاب و النسيان
لم اكن اعرف
ان الغربة صدا اليوم الممل
وتضحك الوجوه في تشابه مستمر
وتغادر ابتسامتها
على ايقاع صبح ثقيل
على اللسان و على الكلام
لم اكن اعرف
ان الغربة بحر التيه المتواصل
والنجاة من الغرق فرصة نادرة
يشتد الشوق لوطن الام الحاضنة
لرائحة الخبز وصوت الامومة
لم اكن اعرف
ان الغربة وباء الشيخوخة المبكرة
وعقارب الساعة
سقطت على التو من النافذة
لم اكن اعرف
ان الغربة حياتي الباقية